قصة خديجة بنت خويلد رضي الله تعالي عنها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي تزوحها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت أربعين سنة و كانت تدعي قبل البعثة بالطاهرة , وأمها فاطمة بنت زائدة, وهي أول امرأة اسلمت , وجميع أبنائه - صلى الله عليه وسلم - منها عدا أبرهيم عليه السلام فأمه هي ماريا القبطية رضي الله تعالي عنها .-أنظر صفة الصفوة لأبن الجوزي
-الزوجة المخلصة:
عندما يقع الزوج في موقف صعب وشديد الوطأة عليه يظهر معدن الإخلاص في الزوجة إن رقفت معه تساعده وتواسيه وتشجعه , وهذا ما حدث من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنها عندما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل إليه جبريل عليه السلام .
*وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ( كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه وهو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قال قلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال أقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع ثم قال لخديجة أي خديجة ما لي وأخبرها الخبر قال لقد خشيت على نفسي قالت له خديجة كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهو ابن عم خديجة أخي أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة أي عم اسمع من ابن أخيك
قال ورقة بن نوفل يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه فقال له ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم يا ليتني فيها جذعا يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم قال ورقة نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم"-متفق عليه
*البشرى بالجنة
وصلت مكانة أم المؤمنين خديجة لدرجة عظيمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم
*وعن علي بن إبي طالب- رضي الله تعالي عنه قال( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد قال أبو كريب وأشار وكيع إلى السماء والأرض"- أخرجه مسلم
* قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث :
( الأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها , وأما التفضيل بينهما فمسكوت عنه ) وها هي البشرى من الله تعالى يأتي بها أمين الوحي جبريل عليه السلام .. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : (أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله , هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب , فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني , وبشرها ببيت في الجنة من قصب , لا صخب فيه ولا وصب ) .
والمراد ببيت من قصب , قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف , وقال الخطابي وغيره : المراد بالبيت هنا القصر , وأما الصخب : هو الصوت المرتفع , والنصب : المشقة والتعب .
*خير النساء وأم الأولاد
إن أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها الوحيدة من نساء النبي التي أنجبت له كل أولاده عدا إبراهيم عليه السلام , ولهذا كانت مكانتها في قلب النبي عظيمة كما ذكرنا سلفاً حتى دبت
الغيرة في قلب أحب زوجاته صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها.
*التي قالت(عن عائشة رضي الله عنها قالت
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد" أخرجه البخاري
- وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم ( فمن مارية القبطية ) , ولدت له أولاً القاسم وبه كان يكنى ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله , وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر , ومات بنوه كلهم في صغرهم , أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن , إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة رضى الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به.
*الرحيل وعام الحزن
ذكر ابن كثير في ( البداية والنهاية ) أن عروة بن الزبير قال :
توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة , وقبل الهجرة إلى المدينة, وماتت خديجة وأبو طالب في عام واحد .
وقال البيهقي : بلغني أن خديجة توفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام . وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة : أنها توفيت بعد أن مضى من النبوة سنة , وذكر أن حكيم بن حزام قال : دفناها باحجون ( وهوجبل بأعلى مككة عنده مدافن أهلها ) , ونزل رسوسل اله في حفرتها ولم يكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها رضى الله عنها . والله أعلم بالصواب.