قصة أم المؤمنين عائشة رضي لله تعالي عنها
هي عائشة بنت أبي بكر الصديق وأمها هى أم رمان بنت عامر بن عويمر الكنانية , تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة في شوال قبل الهجرة بسنتين وقيل بثلاث وهي بنت ست سنين وبني بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين ,وبقيت عنده تسع سنين ولم يتزوج بكر غيرها –أنظر صفة الصفوة
*الزوجة المحبوبة
لقد كانت السيدة عائشة رضى الله عنها أحب الزوجات إلى قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -, وثبت هذا في أحاديث كثيرة من ذلك هذا الحديث:
* عن أبي عثمان رضي الله تعالي عنه قال ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم)-أخرجه البخاري
* فضل عائشة علي سائر النساء
عن أبي موسى رضي الله عنه قال( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)-متفق عليه
وقال النووي في شرح الحديث مامختصره:
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) قال العلماء : معناه أن الثريد من كل الطعام أفضل من المرق , فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد , وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه , والمراد بالفضيلة نفعه , والشبع منه , وسهولة مساغه , والالتذاذ به , وتيسر تناوله , وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة , وغير ذلك , فهو أفضل من المرق كله , ومن سائر الأطعمة وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة . وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية ; لاحتمال أن المراد تفضيلها على نساء هذه الأمة .انتهي
*الغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم
والغيرة هنا محمودة , فإن كل أمهات المؤمنين كانت تغير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت عائشة تغير عليه إن غاب عنها كما تغير أزواجة صلى الله عليه وسلم بسبب حبه الشديد لعائشة رضى الله عنهن أجمعين , وهذه بعض المواقف .
* عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:
أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ وَأَنَا سَاكِتَةٌ قَالَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ فَقَالَتْ بَلَى قَالَ فَأَحِبِّي هَذِهِ قَالَتْ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ لَهَا مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولِي لَهُ إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ صَدَقَةً وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ قَالَتْ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ قَالَتْ ثُمَّ وَقَعَتْ بِي فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا قَالَتْ فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ قَالَتْ فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَسَّمَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ"- أخرجه مسلم
- وحتى لا يفهم الحديث خطأ أذكر قول النووي في شرح ما يساء فهمه : معنى ( يسألنك العدل في أبنة أبي قحافة ) أي يسألنك التسوية بينهن في محبة القلب وكان صلى الله عليه وسلم يسوي بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه . ومعنى ( ووقعت في زينب فطفقت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم متى يأذن لي فيها فلم أزل حتى عرفت.. ) أعلم أنه ليس فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة ولا أشار بعينه ولا غيرها بل لا يحل اعتقاد ذلك , فإنه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين , وإنما فيه أنها انتصرت لنفسها فلم ينهها . ومعنى ( أنها ابنة أبي بكر ) فمعناه الإشارة إلى كمال فهمها وحسن نظرها . والله أعلم
*وعنها قالت ( كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث فقالت حفصة ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر فقالت بلى فركبت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني ولا أستطيع أن أقول له شيئا) –متفق عليه
*وعنها قالت( كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول أتهب المرأة نفسها فلما أنزل الله تعالى ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.)-متفق عليه
*نزول الوحي بقرب عائشة رضي الله تعالي عنها
*وعن هشام عن أبيه قال( كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان أو حيث ما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها)-أخرجه البخاري
*جبريل يقرأ عائشة السلام
وهذه منقبة عظيمة لعائشة أن يسلم عليها أمين الوحي عليه السلام .
*وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ( يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام فقالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد النبي صلى الله عليه وسلم) –أخرجه البخاري
*مزاحه - صلى الله عليه وسلم - وحلمه معها
عشرات من المواقف التي تدل علي ذلك اذكر منها ..
- عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت : فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني قال : " هذه بتلك السبقة " .أخرجه أبو داود وصححه الألباني في المشكاة
*وعنها قالت ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى قالت فقلت ومن أين تعرف ذلك قال أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد وإذا كنت غضبى قلت لا ورب إبراهيم قالت قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك)-أخرجه مسلم
قال النووي في شرح الحديث مامختصره :
قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( إني لأعلم إذا كنت عني راضية , وإذا كنت علي غضبي إلى قولها : يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ) قال القاضي : مغاضبة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم هي مما سبق من الغيرة التي عفي عنها للنساء في كثير من الأحكام كما سبق لعدم انفكاكهن منها حتى قال مالك وغيره من علماء المدينة : يسقط عنها الحد إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة . قال : واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله " ,
ولولا ذلك لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه , لأن الغضب على النبي صلى الله عليه وسلم , وهجره كبيرة عظيمة , ولهذا قالت : لا أهجر إلا اسمك , فدل على أن قلبها وحبها كما كان , وإنما الغيرة في النساء لفرط المحبة)انتهي
*عبادتها واجتهادها في طاعة الله
كانت رضي الله تعالي عنها شديدة التعبد والقيام لله تعالي
*جاء في صفة الصفوة لابن الجوزي هذه الأثا ر:
- عن عروة عن أبيه أن عائشة رضى الله عنها كانت تسرد الصوم .
- وعن القاسم قال : كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها , فغدوت يوماً فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ : { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ {27}}( الطور 27) . وتدعو وتبكي وترددها , فقمت حتى مللت القيام , فذهبت إلى السوق لحاجتي , ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي , تصلي وتبكي . أنتهى .
*غزارة علمها رضى الله عنها
كانت رضي الله عنها غزيرة العلم جاء في ( صفة الصفوة ):
- عن أبي موسى الأشعري أنه قال : ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم حديث قط فسألنا عائشة عنه إلا وجدنا عندها منه علماً .وهاهى بعض الأحاديث والأثار التي تبين ذلك.
*عن عروة عن أبيه أنه قال(عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السن أرأيت قول الله تبارك وتعالى
{ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }
فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما فقالت عائشة كلا لو كانت كما تقول كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله{ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }-أخرجه البخاري
* وعن مسروق قال(قُلْتُ لِعَائِشَةَ فَأَيْنَ قَوْله{ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى }
قَالَتْ إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرِّجَالِ وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ"-أخرجه مسلم
* وعن هشام بن عروة قال كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ (لِعَائِشَةَ يَا أُمَّتَاهُ لا أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ أَقُولُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ أَبِى بَكْرٍ وَلا كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ وَأَيَّامِ النَّاسِ أَقُولُ ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ وَقَالَتْ أَىْ عُرَيَّةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ - أَوْ فِى آخِرِ عُمْرِهِ - فَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَنْعَتُ لَهُ الأَنْعَاتَ وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ فَمِنْ ثَمَّ .
*زهدها في الدنيا وكرمها
* عن أم ذرة قالت : إن الزبير بعث إليها بمال في غرارتين أراه ثمانين ومائة ألف , فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فجعلت تقسم في الناس , فأمست وما عندها من درهم فلما أمست قالت : يا جارية هلمي فطري , فجاءتها بخبز وزيت , فقالت لها أم ذرة : أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحماً نفطر عليه ؟ فقالت لها : لا تعنفيني , لو كنت ذكرتني لفعلت –صفة الصفوة
*زهدها في الدنيا وكرمها
وهذه الحادثة هي أخطر فتنة مرت بها أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وقد برأها الله من فوق سبع سموات في قرآن يتلى إلى يوم القيامة
-وعنها رضي الله تعالي عنها قالت( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعد ما أنزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي([1]) وأنزل فيه مسيرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقدي من جزع([2]) ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن([3]) ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش فادلج([4]) فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي و والله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهراوالناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم فذاك يريبني ولا أشعر بالشر.
حتى خرجت بعد ما نقهت([5]) وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع([6]) وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف([7]) أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد
مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا قد شهد بدرا قالت أي هنتاه ([8]) أو لم تسمعي ما قال قلت وماذا قال قالت فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال كيف تيكم قلت أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس فقالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت قلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ([9]) لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال:
يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة قالت له بريرة والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن([10]) فتأكله .
قالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت قالت وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه
قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فإن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت:
فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان(2) من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال:
أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك فقالت لي أمي قومي إليه فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي قالت فأنزل الله عز وجل إن الذين جاءوا
بالإفك عصبة منكم عشر آيات فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات براءتي قالت فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة فأنزل الله عز وجل ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم قال حبان بن موسى قال عبد الله بن المبارك هذه أرجى آية في كتاب الله فقال أبو بكر والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري ما علمت أو ما رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك)-أخرجه مسلم
*وفاتها رضى الله عنها
قبل وفاتها جاءها ابن عباس يعودها ويواسيها ..
*وعن ذكوان حاجب عائشة قال ( أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقلت هذا ابن عباس يستأذن فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال هذا عبد الله بن عباس يستأذن وهي تموت فقالت دعني من ابن عباس فقال يا أمتاه إن ابن عباس من صالحي بنيك ليسلم عليك ويودعك فقالت ائذن له إن شئت قال فأدخلته فلما جلس قال أبشري فقالت أيضا فقال ما بينك وبين أن تلقي محمدا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصبح في المنزل وأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا فكان ذلك في سببك وما أنزل الله عز وجل لهذه الأمة من الرخصة وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء به الروح الأمين فأصبح ليس لله مسجد من مساجد الله يذكر الله فيه إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار فقالت دعني منك يا ابن عباس والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا)
**وتوفيت بالمدينة المنورة في 17 رمضان سنة 57 هجري , وفي رواية 58 هجري , وهي ابنة ست وستين سنة , وصلى عليها أبو هريرة , ونزل قبرها خمسة , عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق . أنظر صفة الصفوة
--------------------------------------------------------------------------------
[1] -الهودج ماتركبه المرأة فوق الدابة
[2] -جزع: خرز بلا ظفار
[3] -يهبلن: يثقلن باللحم والشحم
[4] -فأدلج: السير أول الليل
[5] -نقهت: شفيتواستعدت صحتي
[6] - المناصح: مواضع قضاء الحاجة خاص بالنساء
[7] -الكنف: مواضع قضاء الحاجة
[8] -هنتاه: أي ياهذا
[9] -لا يرقأ: لا ينقطع
[10] - الداجن: الحيونات والطيور التي تربي في البيوت