آيات الإعجاز في حواس الإنسان
عالم الطيور"2"
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم ، مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم إلى حلقةٍ جديدة من برنامج : "سنريهم آياتنا" ، الذي يتناول الإعجاز العلمي في كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ويسعدني أن أستقبل فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة ، في كليات الشريعة وأصول الدين ، أهلاً بكم .
الدكتور راتب :
بكم أستاذ معتز .
الأستاذ معتز :
﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾
( سورة فصلت الآية :53 )
تحدثنا عبر حلقات طويلة من برنامجنا عن آيات الإعجاز في الآفاق ، حبذا اليوم لو نتحدث عن بعض الآيات في أنفسنا ، ومثال ذلك حواس الإنسان التي وهبها الله عز و جل.
1 ـ العين :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، نبقى في الآيات التي أشارت إلى هذه الحواس ، قال تعالى :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ( ﴾ ( سورة البلد )
العين آيةٌ كبيرةٌ جداً دالةٌ على عظمة الله ، أولاً : وضعت في المحجر ، لئلا يتلفها الإنسان بحركته العشوائية ، ثانياً : القرنية في العين شفافة شفافية تامة ، لأن القرنية لها نظامٌ خاص في التغذية ، لو أن القرنية في العين غُذيت كما تغذى جميع الأنسجة في الجسم لرئيت ضمن شبكة ، لكن القرنية وحدها تتغذى عن طريق الحلول ، فالخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها ، ويتسرب الغذاء عبر الغشاء الخلوي دون أن تكون هناك شعيراتٌ تعيق الرؤية ، إذاً شفافية القرنية شيءٌ مدهش .
القُزحية ، القُزحية هويةٌ للإنسان ليس على وجه الأرض إنسانٌ تشبه قُزحيته قُزحية إنسان آخر ، وهذه الحقيقة ليست قديمة بل حديثة ، اعتمدت في طبع شكل القُزحية على جوازات السفر ، جواز السفر لا يمكن أن يُزور ، أي القُزحية هويةٌ للإنسان مثل البصمة ، لكن بالمناسبة صار للإنسان عدد كبير بالهويات ، فقُزحية العين ينفرد بها ، الآن هناك أقفال صنعت للعالم الغربي لا يمكن أن تفتح إلا من قبل صاحبها ، يضع عينيه على القفل فيفتح ، ويوجد شكل خاص للقزحية ، أيضاً نبرة الصوت ينفرد بها الإنسان من بين كل البشر ، هناك ستة آلاف مليون ليس على وجه الأرض إنسان تشبه نبرة صوته نبرة صوت إنسانٍ آخر ، رائحة الجلد ، لولا هذه الرائحة الفريدة المتميزة ، لما كان هناك جدوى من عمل الكلاب البوليسية إطلاقاً .
القزحية ، ورائحة الجلد ، ونبرة الصوت ، والزمرة النسيجية ، لكل إنسان زمرة نسيجية ينفرد بها ، والبصمة أيضاً ، هذه كلها تعد هويةً للإنسان ، ثم ثبت مؤخراً أن نطفة الإنسان هويةٌ خاصة ، وإن كل إنسانٍ له تركيب لنطفته تختلف عن نطفة إنسانٍ آخر ، وأن المرأة عندها جهاز يستوعب هذه النطفة فما دامت هذه النطفة تأتي تباعاً ، معنى ذلك أنه زوجها ، أما إذا جاء نطفةٌ أخرى ، معنى ذلك أن هناك مخالفة لواضع منهج الدين ، لله عز و جل ، هناك احتمال أن يصاب الرحم بأورامٍ خبيثة ، لكن رحم المرأة يمكن أن يستقبل نطفةً جديدة بعد أربعة أشهر فترة العدة ، هذا الكلام سمعته في مؤتمر إسلامي في القاهرة ، ألقاه مندوب أحد الدول العربية ، فالقزحية ، ورائحة الجلد ، ونبرة الصوت ، وبصمة اليد ، والزمرة النسيجية ، والنطفة ، هذه هوية للإنسان ، فالقزحية هوية ، والقرنية الشفافة ، الآن الشبكية ، هي محرق العدسة ، بها تنطبع الأخيلة عليها ، أعلى آلة تصوير احترافية رقمية بمحرقها عشرة آلاف مستقبل ضوئي بالمليمتر المربع ، بينما بشبكية العين يوجد بالمليمتر المربع مئة مليون مستقبل ضوئي ، من أجل دقة الرؤية ، فالعين البشرية تفرق بين ثمانية ملايين لون ، ولو أن اللون درّج ثمانمئة ألف درجة لفرقت العين السليمة بين درجتين ، صنع الله الذي أتقن كل شيء .
هناك نقطة دقيقة أن هذه العين فيها ماء ، والإنسان أحياناً يذهب إلى بلاد باردة ، فلندا مثلاً تهبط الحرارة فيها إلى ثمانية وستين تحت الصفر ، تصور إنساناً يعيش في هذا البلد، يضع على رأسه قبعة ، يرتدي ثياباً صوفية ، يضع في يديه قفازات ، يلبس جوارب صوفية ، حذاء فيه فرو ، معطف ، يمكن أن يتلافى كل أسباب البرد ، لكن ليس بإمكانه أن بغلق عينيه ، كيف يمشي في الطريق ؟ إذاً ماء العين يلامس جواً درجة حرارته تقدر بثمانية وستين تحت الصفر ، فهذا الماء ينبغي أن يتجمد قطعاً ويفقد الإنسان بصره ، ما هي حكمة خالقنا جلّ جلاله ؟ أودع في ماء العين مادةً مضادةً للتجمد .
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ( ﴾ ( سورة البلد )
طبعاً أنا أتحدث عن أشياء بديهية ، عن قزحيةٍ ليس فيها أوعية شبكية ، أوعية دموية ، عن قرنيةٍ ليس فيها أوعيةٍ دموية ، وعن قزحيةٍ هي هوية الإنسان ، وعن شبكيةٍ فيها مئة مليون مستقبل ضوئي بالمليمتر المربع ، وعن عينين ، لماذا عينين ؟ قال : لأنك بالعينين ترى البعد الثالث ، صنع الله الذي أتقن كل شيء .
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ﴾
( سورة التين )
هناك شيء آخر يصعب جداً أن يتضح لدى بعض الأخوة ، بالعين عدسة ، هذه العدسة محرقها ثابت ، فأي شيءٍ تحرك أمامها يمكن أن ينطبع خيال هذا الشيء على الشبكية، أما إذا حركته مليمتر يزول هذا الخيال ، فكيف أن شيئاً يتحرك نراه نحن رؤية مستمرة ؟ شيء عجيب ، قال : هناك عضلات هدبية ، كأن جهةً ثالثة تقيس المسافة بينك وبين الشيء الذي ينبغي أن تراه ، وتضغط على الجسم البلوري ضغطاً يزيد احتداب العدسة ، أو يقلل هذا الاحتداب فيقع الخيال على الشبكية ، هذه العملية المعقدة جداً تسمى عند أطباء العيون بالمطابقة ، فالإنسان يملك مطابقة يصعب تفسيرها الآن .
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ( وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) ﴾ ( سورة البلد )
فمن قرنيةٍ شفافةٍ إلى قزحيةٍ إلى عدسةٍ مع عضلاتٍ هدبية إلى ماءٍ فيه مادة مضادة للتجمد إلى شبكيةٍ فيها مئة مليون مستقبل ضوئي ، هذا كله من أجل أن ترى ، كيف ترى ؟ شيء لا يصدق ، الصورة مجموعة نقاط ضوئية تتفاعل مع مادة كيماوية في الشبكية فإذا تفاعلت معها شُحنت هذه الصورة عبر العصب البصري إلى الدماغ ، هذه الصورة عبارة عن تيار كهربائي متفاوت الشدة ، ينطبع في مركز فأنت ترى الأشياء بحجمها الحقيقي ، وبألوانها الدقيقة ، والعين البشرية تفرق بين ثمانية ملايين لون ، فإذا قال الله عز و جل :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ( ﴾ ( سورة البلد )
ينبغي أن يخشع قلبه ، وأن يغض بصره عن محارم الله ، وأن يستخدم هذه العين في رؤية آيات الله ، لا في رؤية عورات الناس ، لذلك العين لها عبادة ، والأذن لها عبادة ، والفم له عبادة ، والأنف له عبادة ، واليد لها عبادة ، فأبشع شيءٍ في الإنسان أن يستخدم نعم الله في معصيته .
الأستاذ معتز :
دعني أنتقل وإياك إلى إعجازٍ آخر في خلق الله سبحانه وتعالى ، وهو الأذن .
2 ـ الأذن :
الدكتور راتب :
في الحقيقة لماذا يوجد للإنسان أذنان ؟ لماذا يوجد للإنسان عينان ؟ من أجل البعد الثالث ، في العين الواحدة ترى طولاً وعرضاً ، أما بالعينين ترى بعداً ، ترى بعدين سطحيين ، وبعداً عميقاً حجمياً ، أما الأذن ، من منا يصدق أنك إذا مشيت في الطريق ، وسمعت بوق مركبةٍ ، تنحرف إلى الجهة التي تقابل المركبة ، دون أن تشعر ، هل تصدق أن هذه الحادثة البسيطة ، يوجد وراؤها جهاز بالغ التعقيد ، جهازٌ في الدماغ يكشف تفاضل وصول الصوتين إلى الأذنين ، البوق من هنا دخل الصوت إلى هذه الأذن قبلَ هذه الأذن ، الفارق بينهما واحد على ألف و ستمئة و عشرين جزءاً من الثانية .
الأستاذ معتز :
عبر الجهاز يتحسس هذا الفاصل .
الدكتور راتب :
هذا الجهاز يحسب تفاضل الصوتين ، فإذا دخل الصوت إلى اليمنى قبل اليسرى بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية ، يدرك هذا الجهاز أن الصوت جاء من اليمين ، فينزاح نحو اليسار .
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ﴾
(سورة التين)
ليس في حياتنا ، أو في آلاتنا الصوتية جهاز يكبر الصوت إن كان ضعيفاً ، ويخمده إن كان قوياً ، إلا غشاء الطبل ، يكبره إن كان ضعيفاً ، ويخمده إن كان قوياً ، غشاء الطبل ، يتلقى الصيوان الأصوات من كل الاتجاهات ، ويجمعها ، وهناك غشاء الطبل ، و عظيمات السمع ، و أذن وسطى ، وأذن داخلية ، و قنوات التوازن ، أي إنسان يمشي على قدمين لطيفتين ، لماذا لا يقع ؟ هل بإمكاننا أن نجعل ميتاً واقفاً ؟ لا نقدر لأنه لا يوجد توازن، ما الذي يجعل الإنسان يمشي على قدمين لطيفتين ؟ هناك ثلاث قنوات دائرية ، في الأذن يوجد سائل ، ويوجد أشعار ، فإذا مال الإنسان يبقى السائل مستوياً ، فإذا مال الإنسان يرتفع السائل ، وإذا ارتفع السائل مس الأشعار، فيدرك الإنسان أنه مال ، فيصحح ، لولا هذه القنوات نصف الدائرية الثلاث لا يمكن لإنسان أن يمشي على وجه الأرض ، ولا لراكب دراجة أن يركب دراجة ، بفضل التوازن ، الطفل الصغير عند الولادة ، يوضع في حضن أمه، فإذا مال قبل ثلاثة أشهر يتابع الميل حتى يقع ، بعد ثلاثة أشهر يعمل هذا الجهاز ، فإذا مال صحح ، أجهزة بالغة الدقة في الأذن ، بذلك الأذن إلى الآن لا أحد يعلم ما الفرق بين النغم وبين الضجيج .
الأستاذ معتز :
ما الفرق؟
الدكتور راتب :
تقف أمام شلال كبير ، صوت كبير تطرب له ، تضع قطعة زجاج تحت باب ، فإذا حركت الباب ، كدت تخرج من جلدك من هذا الصوت المزعج ، الصوت المزعج اسمه ضجيج ، الصوت المريح اسمه نغم ، حتى الآن لا أحد يعلم ما الفرق بين النغم وبين الضجيج ، هذا عن الأذن ، وأشياء كثيرة جداً ، أنا أتكلم أشياء بسيطة ، بسيطة أي هذه من مستوى طلاب الثانوي فقط ، أما لو تعمقنا في كل حاسةٍ من حواس الإنسان ، لرأينا العجب ، حتى قال أحدهم : لم تبتل بعد أقدامنا ببحر المعرفة .
الأستاذ معتز :
لكن مع هذه البساطة يتضح إعجاز الخالق عز و جل ، حتى تخرج من نقطة الأذن ، الأذن وظيفتها السمع ، ولكن كيف ذُكر السمع في القرآن الكريم ؟
الدكتور راتب :
سؤالك الآن متعلق بالقرآن ، فقد قال تعالى :
﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾
( سورة التحريم الآية: 4 )
القرآن لا يعترف بإنسان يسمع ولا يطبق ، السماع في القرآن ما تبعه تطبيق .
﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾
( سورة التحريم الآية : 4 )
لذلك ، يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا سمعنا وهم لا يسمعون ، أحياناً الإنسان يقول: سمعت ، وهو لا يسمع ، بمعنى أنه لا يطبق ، فلذلك لابد من أن نتبع السماع بالتطبيق حتى نكون في القرآن ممن يسمع .
الأستاذ معتز :
علنا نتابع في هذه الحواس ، وفي هذا الإعجاز في خلق أجهزة جسم الإنسان في حلقاتٍ مقبلة إن شاء الله ، أعتقد أننا وصلنا إلى المادة العلمية لهذا اليوم ، ماذا لدينا فضيلة الشيخ ؟
الدكتور راتب :
الحقيقة لا زلنا في الطيور ، والحديث عن الطيور حديثٌ ممتعٌ جداً ، لأنهم مخلوقات ، كما يقول بعض العلماء : لا تزال أكبر طائرة صنعها الإنسان لا ترقى إلى مستوى الطير ، يحاول الناس دائماً الوصول إلى الأكمل في صناعة الطائرة ، والموضوع الذي يدقق فيه في صناعة الطائرة ، وبخاصةٍ الجناح ، تخفيف الاحتكاك بالهواء إلى أقل درجة ، وبقاء الطائرة في الجو بسهولة ، وقد توصل الإنسان إلى تقنية الطائرات في يومنا هذا ، نتيجة بحوثٍ ، وتجارب ، وتراكم علوم منذ مئة عام .
تصمم أشكال الطائرة والجناح باعتبار عوامل خاصة كثيرة بمساعدة الحاسوب ، وعلى الرغم من كل ذلك لا تقارن تكنولوجية ودقة طيران أي طائرة بالطيور ، إلا أن الناس طوروا وسائط تطير أسرع من الطيور ، ولكن التحكم في طيران الطيور يفوق كثيراً في كل زمانٍ ومكان تحكم الطائرات ، لا تقارن أي عروض طيرانٍ أقامها الناس بهذه الحركات البهلوانية التي يقوم بها الطيور كما ترون ، إلى من يرجع التصميم الكامل الموجود في هيكل الطيور ، على الرغم من وجود مئات المهندسين ورجال العلم وراء تصميم كل طائرة ، فأثر قابلية الطيور على الطيران ، وأجسام الطيور التي هي أكمل بكثير من الطائرات ، لا شك أنه لا يمكن أن يكون الطائر نفسه صاحب هذا الأثر ، وليس لدى الطائر أي معلوماتٍ عن التصميم ، ولا عن الديناميكية الهوائية ، بل يولد فرخاً بلا شعور ، ويستخدم الجناح الذي أوجده له الخالق في أثناء وجوده في البيضة ، ولا يستطيع أن يضع جناحاً مختلفاً لنفسه ، بلا شك جميع هذه التصاميم الموجودة في أجسام الطيور أثر خالقٍ عظيم ، متعال ، موجدٍ لها ، فهذه صنعة خلق الله الرائعة .
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
( سورة يونس الآية : 101 )
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾
( سورة الملك الآية : 19 )
إن الطير آيةٌ من آيات الله الدالة على عظمته ، وإذا أردنا أن نتفكر في هذه المخلوقات ، تعرفنا إلى الله خالقها ، وموجدها ، وقد أعطى كل شيءٍ خلقه ، ثم هدى ، كما قال سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام : " فالله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين ، وله الكبرياء في السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم ".
من الممكن أن نرى دلائل الخلق عن قربٍ أكثر إذا دققنا في بنية أجسام الطيور وأجنحتها ، ذلك بأن هناك معجزاتٍ مهمة مخفية بالتفاصيل ، فأجسام الطيور صممت بأخف الأشكال الممكنة ، فالطيور ذات عظامٍ أقل بنسبةٍ للكائنات البرية ، بالإضافة إلى أن هذه العظام ليست صلبةً ، ولا كثيفةً كما نرى ، ليست صلبةً ، ولا كثيفةً كما في الكائنات البرية بل على العكس ، فعظامها مفرغةٌ من الداخل ، والعوارض المتقاطعة المنسقة داخل العظام ، تجعل هيكل الطائر متيناً جداً ، وأما التصميم المحير حقاً جسم الطائر فمخفيٌ في ريشه ، بنية ريش الطائر الذي يبدو بسيطاً في الظاهر معجزةٌ في تصميمه ، فداخل كل ريشةٍ آلاف الرييشات الصغيرة ، المرتبة بشكلٍ تقاطعيٍ كما ترى ، هذه الرييشات الصغيرة ، مرتبطٌ بعضها ببعض بصناراتٍ مجهرية ، مكونة بهذا سطحاً أملس خفيفاً ، فهذا التصميم الذي لا نظير له ذو آلاف التفاصيل المجهرية داخل ريشةٍ واحدة ، قد لا يعود إلى الطبيعة بلا شك ، ولا إلى المصادفات العمياء ، ولا إلى الطائر نفسه ، أي ريشة الطائر وحدها من آيات الله الدالة على عظمته ، بل الله تعالى هو الذي خلق الطيور بخصائصها كلها ، وهذه الكائنات واحدة من التجليات الكثيرة لعلم الله ، وحكمته التي لا حدود لها .